شريط الأخبار:

على الحكومة الكويتية حل قضية الكويتيون البدون حل جذري واقعي وملموس ، وليس تصريحات ومانشيتات صحفية وابر تخدير ** الكويتيون البدون أبناء اليوم والحاضر والمستقبل ، وعلى الحكومة الكويتية أن تعي الأمر وتحكم العقل وعليها أن تنسى ماضيها الأسود في معالجة قضية البدون ! **

مانشيتات إعلامية / مقالات صحفية

1- "البدون".. أخطر "قنبلة موقوتة" تهدد بالانفجار في الكويت :



الكويت (CNN)- قبل عامين فقط، تحقق حلم أبناء كل من محمد قبلان العنزي، وهادي حمد الشمري، بالحصول على الجنسية الكويتية، بعد قرابة ربع قرن على مقتل والديهم دفاعاً عن أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الأحمد الصباح، الذي تعرض لمحاولة اغتيال، أشارت أصابع الاتهام فيها إلى إحدى المنظمات الموالية للنظام الإيراني.

ونظراً لأن الحرس الأميري كان، ومازال، يتشكل في غالبيته من فئة "عديمي الجنسية"، أو الذين يُعرفون بـ"البدون"، فقد جاء معظم الضحايا، سواء القتلى والجرحى، من أبناء هذه الفئة، الذين كانوا يتمتعون بنفس الحقوق والامتيازات التي تمنحها الدولة لمن يحملون جنسيتها، باستثناء فروق ضئيلة.

وبحسب الروايات الرسمية وغير الرسمية المتداولة في الكويت عن تفاصيل هجوم 25 مايو/ أيار 1985، الذي استهدف موكب أمير البلاد، فقد اندفع العنزي والشمري بسيارة الحراسة التي كانا يستقلانها، للاصطدام بالسيارة المفخخة، التي اقتحمت الموكب، ومنعها من الوصول إلى سيارة الأمير.

وبعد أن ظهر الشيخ جابر على شاشات التلفزيون، وقد بدت على وجهه أثار الانفجار، لبث رسالة طمأنة إلى شعبه، صدرت عدة وعود حكومية بمنح أسر "الشهداء" والجرحى الذين سقطوا نتيجة ما وصف بـ"الهجوم الغادر"، الجنسية الكويتية، وهو الأمر الذي تأخر لما يقرب من 25 عاماً.

ورغم أن منح أبناء العنزي والشمري جنسية الدولة التي يعيشون فيها منذ عشرات السنين، جاء متأخراً كثيراً، إلا أنه يمنح بعض الأمل لأبناء آخرين من "البدون"، تضع الحكومة الكويتية أسماءهم ضمن قوائم "الشهداء"، الذين سقطوا أثناء "الغزو" العراقي للكويت عام 1990، أو أثناء معارك "التحرير" في العام التالي.

من هؤلاء، أبناء "الشهيد" حمود البعنون العنزي، الذين يعيشون ظروفاً مأساوية في الأردن، عبر عنها أحد أبنائه، يُدعى خالد، في عدة رسائل وجهها إلى سياسيين وأعضاء بمجلس الأمة الكويتي، جاء فيها أن أسرته خرجت إلى السعودية ومنها إلى الأردن، بحثاُ عن والدهم، الذي اختفى منذ الغزو، إلى أن تمت استعادة جثته من العراق عام 2004.

وقال خالد إنه خرج مع إخوته من الكويت بينما كانوا أطفالاُ، حيث لم يكن شقيقه الأكبر قد تجاوز الـ13 عاماً، وأشار في مداخلة مع قناة تلفزيونية، إلى أن عمه "استشهد" أيضاً في معركة "التحرير"، وأضاف أن "كل ما أتمناه هو أن تسمح لنا الحكومة بالدخول إلى الكويت لزيارة قبر والدنا في مقابر الشهداء، وقراءة الفاتحة له.. هذا كل ما نريده في الوقت الراهن."

وعن سبب منعه وأفراد أسرته من دخول الكويت، قال خالد البعنون: "ليس هناك سبب معين.. يقولون إننا نحمل الجنسية الأردنية وقد أرسلت كتاباً من وزارة الداخلية الأردنية بأننا لا نحمل أي جنسية أردنية.. ولكن لم يتم التجاوب مع طلبنا حتى الآن.. لا نعرف حقيقةً ما هي المشكلة."

ووفق تقديرات الحكومة الكويتية، أعلن عنها وزير الدفاع في فترة "الغزو"، الشيخ عبدالله الجابر الصباح، فإن نسبة "البدون" الذين شاركوا في حرب "تحرير الكويت" ربما تتجاوز 80 في المائة من الجيش الكويتي، وتضم قوائم "الشهداء" والأسرى أسماء المئات منهم.

وعن قضية أبناء "الشهيد" البعنون، قالت الناشطة الكويتية رنا العبدالرزاق لـCNNبالعربية، إن "هناك توجيهات صدرت بالفعل من الديوان الأميري بإعادة أسرته إلى الكويت.. لكن لم يتم ذلك إلى الآن"، مشيرةً إلى أن هناك بعض التصريحات التي تشكك في "ولاء البدون" لدولة الكويت.

وتابعت في هذا الصدد: "هذا هو المزعج في الموضوع.. من الذي يملك القرار؟.. ومَن مِن مصلحته أن تبقى الأمور معلقة هكذا؟.. إذا لم يكن عندهم ولاء للكويت لما كانت لديهم تلك الحرقة في العودة إلى دولتهم التي ولدوا وعاشوا فيها، وضحّى والدهم بحياته من أجل الدفاع عنها."

وعن تفسيرها للأسباب التي أدت إلى تفاقم مشكلة "البدون"، التي أصبحت بمثابة "قنبلة موقوتة" تهدد بالانفجار في الكويت في أي وقت، قالت العبدالرزاق إن المشكلة بدأت منذ تأسيس دولة الكويت، وتراكمت على مدى 50 عاماً أو أكثر، بسبب "التقاعس" الحكومي في حلها، إلى أن وصلت إلى هذا الحجم.

وفور إعلان استقلال دولة الكويت عن الحماية البريطانية عام 1961، بدأت الدولة الخليجية الوليدة تطبيق إجراءات منح الجنسية لمواطنيها سواء المقيمين على أرضها، أو من "البدو الرحل"، الذين لا يستقرون بمنطقة محددة، وتم تشكيل ما يُعرف بـ"لجان التجنيس"، لتلقي طلبات الراغبين في الحصول على الجنسية الكويتية، وفق شروط محددة.

وبحسب العبدالرزاق، فقد كانت فترة عمل تلك اللجان قصيرة جداً، حيث لم تتح الفرصة لعدد كبير من هؤلاء التقدم بطلبات الحصول على الجنسية، كما أن عددا آخر منهم لم يكن يعنيهم الحصول على الجنسية، باعتبار أنهم من البدو الذين يتنقلون بصورة دائمة عبر الحدود بين الكويت وكل من السعودية والعراق.

كما أشارت الناشطة الكويتية إلى أن المشكلة بدأت تتخذ بعداً آخر، في ضوء الامتيازات الواسعة التي تمنحها الحكومة للكويتيين، مما شجع البعض من التسلل إلى الكويت والادعاء بأنهم من البدون، أملاً في الحصول على الجنسية والاستفادة من تلك الامتيازات، إلا أنها أكدت أن عدد هؤلاء لا يقارن بالنسبة للعدد الحقيقي للبدون.

الأمر الآخر الذي أدى إلى تفاقم المشكلة، قيام الحكومة بإلغاء قانون يسمح للبدون باللجوء للقضاء، خاصةً المسجلة أسماؤهم في إحصاءات عام 1965، والذين أكد رئيس "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية"، صالح الفضالة، في أكثر من مرة، أنهم ممن يستحقون الجنسية الكويتية.

وبينما اعتبرت العبدالرزاق أن إعادة فتح باب التقاضي يُعد أحد وسائل حل المشكلة، وصولاً إلى تجنيس كل من يستحقون الجنسية الكويتية ، فقد شددت على ضرورة أن تقوم الحكومة بتقديم الأدلة على ادعاءاتها بأن نحو 70 ألفاً من البدون لديهم جنسيات دول أخرى، وليس مطالبتهم بالكشف عن جنسياتهم، عملاً بالقاعدة القانونية "البينة على من ادعى."

وعن تحركات البدون في الشارع الكويتي مؤخراً، وصفته الناشطة الكويتية بـ"الحراك المستحق"، خاصةً بعد قيام الحكومة بحرمانهم من حقوقهم التي كانوا يتمتعون بها قبل عام 1986، الذي شهد بداية تطبيق ما أسمته "سياسة التضييق على البدون"، لدرجة أن تم حرمان جيل كامل من التعليم على مدى 17 عاماً، حتى عام 2003.

وأشارت إلى أن هذه التحركات كان من نتيجتها أن بدأت الحكومة في إعادة بعض الامتيازات إلي البدون، منها الأوراق الثبوتية كشهادات الميلاد والوفاة ووثائق الزواج والتوريث، وكلها كانت من الأمور التي لم يكن باستطاعتهم الحصول عليها من الدوائر الحكومية، خلال فترة "التضييق."

وبينما ذكرت العبدالرزاق أن فترة عمل لجان التجنيس، التي جرى تشكيلها في ستينيات القرن الماضي، لم تستغرق سوى بعض الشهور، قال صالح السعيدي، عضو "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية"، إن اللجان استمرت في عملها لست سنوات، كما أُعيد فتحها في السبعينيات لاستدراك باقي الملفات التي لم يتم معالجتها.

وقال المسؤول الحكومي، في تصريحات لـCNN بالعربية، إن فترة السبعينيات شهدت ما وصفه بـ"الانفجار الأكبر" في أعداد "المقيمين بصورة غير قانونية"، بحسب التسمية الحكومية، حيث ارتفع عددهم من 39 ألف عام 1970، إلى 178 ألف عام 1980، أي بنسبة بلغت 350 في المائة خلال 10 سنوات.

وأشار السعيدي إلى أنه خلال تلك الفترة ظهرت حالات لم تكن موجودة من قبل، مما أدى إلى "تولد شك في أن هذه المجموعات دخلت البلاد بعد الاستقلال.. وبالتالي تفتقد أحد شروط الحصول على الجنسية" ، لافتاً إلى أن الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول المجاورة جعل من الكويت "مقصداً للهجرة."

وبينما أقر عضو الجهاز الحكومي المعني بمعالجة القضية بأن الحكومة لم تكن لديها رؤية واضحة لحل مشكلة "البدون"، فقد أشار إلى أن "الغزو" العراقي للكويت أدى إلى تقليص عددهم بصورة كبيرة، من 220 ألف في يونيو/ حزيران عام 1990، إلى 117 ألف في مارس/ آذار عام 1993.

ورفض السعيدي القول بإن الحكومة الكويتية رفضت عودة آلاف "البدون" ممن غادروا الدولة الخليجية أثناء "الغزو"، معتبراً أن غالبيتهم "عاد إلى بلده الأصلي"، خاصةً أنهم ليس لديهم أي وثائق تثبت أنهم يستحقون الحصول على الجنسية الكويتية، على حد قوله.

وكشف عن منح الجنسية لنحو 16 ألف شخص منذ "الغزو"، مما أدى إلى تقليص عدد "المقيمين بصورة غير قانونية" إلى 100 ألف شخص، جرى تقسيمهم إلى مجموعتين، الأولى تضم 35 ألفا من المسجلين في تعداد 1965، وبالتالي فإن لديهم أحد شروط التجنيس، بينما تضم المجموعة الأخرى 65 ألف شخص، ليس لديهم أي أوراق ثبوتية كويتية.

وكان "شرط التواجد"، وهو أحد شروط استحقاق الجنسية الكويتية، ويقضي بأن يكون مقدم الطلب قد أقام بصفة دائمة في الدولة الخليجية قبل عام 1930، إلا أنه تم تعديله للمقيميين حتى عام 1945، ثم جرى تعديله لمرة ثانية حتى عام 1965، وهو نفس العام الذي أجري فيه أول تعداد رسمي لسكان دولة الكويت.

ولفت السعيدي إلى أن الحكومة طرحت مبادرة لـ"توفيق أوضاع" الآلاف ممن تعتبرهم من حائزي جنسيات أخرى، تتضمن كشف هؤلاء عن جنسياتهم الحقيقية، مقابل منحهم إقامة فورية لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد، وبدون كفيل، مع استمرار تمتعهم بباقي الامتيازات التي قررتها الحكومة لـ"البدون" مؤخراً.

وأكد المسؤول الحكومي أنه تم بالفعل تعديل وضع ما يقرب من ستة آلاف شخص، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن الحكومة قامت، خلال الفترة التي أعقبت تحرير الكويت، بوقف آلاف العسكريين من "البدون" عن العمل، حتى يقوموا بإظهار جنسياتهم الحقيقية، أما من "لم يستطع" إظهار جنسيته الأصلية، يتم صرف مستحقاته وتسريحه من العمل.

وعن المبادرة الحكومية لـ"تعديل أوضاع البدون"، شككت العبدالرزاق في الأرقام الصادرة عن الجهاز الحكومي، في الوقت الذي أكدت فيه قيام البعض بشراء جوازات سفر أجنبية للاستمرار في عمله، ولفتت إلى أن بعضاً ممن تقول الحكومة إنهم قاموا بتعديل أوضاعهم، قاموا بالهجرة إلى دول غربية.

وتساءلت لـCNN بالعربية بقولها: "أحد الأشخاص عدل وضعه فصار كندياً.. هل كان يحمل الجنسية الكندية ويخفيها حتى يظل ضمن فئة البدون، أم أنه هاجر إلى كندا وحصل على الجنسية الكندية؟".. وتابعت بقولها: "كثيرون حصلوا على جنسيات مختلفة غير منطقية لوصفهم بدون."

ورغم أن الأوضاع تبدو هادئة في الوقت الراهن، في ضوء بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الكويتية، إلا أن ما يصفها الكثير بقنبلة "البدون" قد تشتعل في أي وقت، لاسيما أن الحكومة الكويتية أكدت مؤخراً أن تلك الامتيازات التي قررت منحها لـ"المقيمين بصورة غير قانونية" مؤخراً، لن تستمر طويلاً.


******************************************************

2 - الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان‮: ‬قضية البدون تراوح مكانها رغم وعود وتصريحات المسؤولين :


اصدرت الجمعية الكويتية لحقوق الانسان تقريرا شاملا عن العام‮ ‬2009‭.‬‮ ‬شمل التقرير اوضاع البدون،‮ ‬واعتبر ان قضيتهم تراوح مكانها رغم وعود وتصريحات المسؤولين،‮ ‬ورغم مشروع القانون الذي‮ ‬قدمه عدد من النواب الى مجلس الامة لضمان الاقامة والتعليم والعلاج المجاني‮ ‬وغير ذلك من الحقوق لابناء تلك الفئة‮.‬
وتطرق التقرير الى انظمة العمل واوضاع العمالة الوافدة،‮ ‬فأشار الى ان هذه العمالة تعاني‮ ‬من مشاكل عديدة اهمها‮ ‬غياب التغطية القانونية التي‮ ‬تحفظ لها حقوقها‮.‬

وقال ان هذه العمالة وصلت الى‮ ‬600‮ ‬ألف ولاتزال مستمرة في‮ ‬الازدياد نتيجة تكريس الاتكالية في‮ ‬صفوف المجتمع‮.‬
وفي‮ ‬مجال قضايا المرأة قال التقرير‮: ‬ان المطلوب هو ان تولي‮ ‬القيادة السياسية اهمية لتمكين‮ ‬النساء من تولي‮ ‬المناصب الوزارية والقيادية في‮ ‬مختلف الوزارات والمؤسسات‮.‬
وقال التقرير عن قضايا الحريات ان التسامح مع وجهات النظر المختلفة بشأن اي‮ ‬قضية مطروحة‮ ‬يعزز قيم الديمقراطية ويؤكد احترام الدستور وتقدير السلطات لقيم حقوق الانسان‮.‬
وفي‮ ‬ما‮ ‬يلي‮ ‬النص الكامل لتقرير الجمعية بشأن اوضاع حقوق الانسان في‮ ‬الكويت للعام‮ ‬2009‭.‬
مر عام‮ ‬2009‮ ‬صعباً‮ ‬على المعنيين بمسائل حقوق الإنسان في‮ ‬الكويت‮ ‬،‮ ‬ولم تتحسن أوضاع حقوق الإنسان بشكل ملفت،‮ ‬بل أن أوضاع الحريات قد تراجعت بما‮ ‬يقلق كافة العاملين بالشأن العام ومجالات الإعلام،‮ ‬ولا بد من التنبيه إلى أن تجاوزات قد حدثت لفئات عديدة في‮ ‬الكويت مثل أفراد العمالة الوافدة وجماعات من فئة عديمي‮ ‬الجنسية أو البدون،‮ ‬ناهيك عن الإعلاميين ومرشحي‮ ‬مجلس الأمة‮. ‬وفي‮ ‬تقريرنا هذا نود أن نسلط الضوء على القضايا المحورية التي‮ ‬اعتدنا على اعتبارها مسائل هامة في‮ ‬الكويت تستحق الاهتمام والمعالجة‮.‬

أوضاع عديمي‮ ‬الجنسية‮ »‬البدون‮«‬
ظلت قضية‮ »‬البدون‮« ‬تراوح في‮ ‬مكانها بالرغم من تصريحات الوزراء والمسؤولين في‮ ‬الحكومة بأنه سيتم تعيين أفراد هذه الفئة‮ ‬في‮ ‬سلك التعليم أو في‮ ‬وظائف التمريض في‮ ‬وزارة الصحة‮.. ‬لكن على أرض الواقع لم‮ ‬يتحقق شيء ملحوظ بما‮ ‬يعين أفراد هذه الفئة على الحصول على وظائف تمكنهم من مواجهة متطلبات المعيشة الكريمة‮.. ‬كما أن حصول الأطفال والأبناء من أفراد هذه الفئة على شهادات الميلاد ظلت محط تجاذب بين وزارة الصحة واللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة‮ ‬غير قانونية‮.. ‬أما الحصول على عقد زواج أو طلاق فإنه بمثابة كابوس‮ ‬يتطلب التقاضي‮ ‬بين أطرافه ويحمل المعنيين تكاليف مالية ونفسية‮ .. ‬ولذلك‮ ‬يمكن الزعم بأن المسائل الأساسية والمطالب المشروعة لفئة البدون والمتعلقة بتوفير أوضاع إنسانية وتمكينهم من الحصول على حقوق مدنية وقانونية بموجب معايير حقوق الإنسان الدولية لم تتوافر خلال عام‮ ‬2009‭.‬
لكن‮ ‬يمكن القول إن القضية حظيت باهتمام من قبل أعضاء في‮ ‬مجلس الأمة وتم تقديم عدد من مشاريع القوانين لمعالجة أوضاع‮ »‬البدون‮« ‬وجرى تدارس هذه المشاريع من قبل اللجنة التشريعية ولجنة معالجة أوضاع‮ ‬غير محددي‮ ‬الجنسية‮.. ‬بل ان هذه المشاريع تم اعتماد واحد منها وتقدمت اللجنة بصياغة مشروع قانون‮ ‬ينص على الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي‮ ‬الجنسية‮ ‬،‮ ‬وبصفة الاستعجال‮ ‬،‮ ‬بتاريخ‮ ‬8‮ ‬ديسمبر‮ ‬2009‮ ‬إلى مجلس الأمة لمناقشته وإقراره‮ ‬،‮ ‬وقد أحاله رئيس مجلس الأمة إلى الأمانة العامة لاعتماده على جدول أعمال جلسة خاصة ليوم‮ ‬10‮ ‬ديسمبر‮ ‬2009‮ ‬بيد أن تلك الجلسة لم تعقد لفقدان النصاب القانوني‮ ‬اللازم‮.‬
وقد اشتمل مشروع القانون حقوقاً‮ ‬مهمة لأفراد فئة عديمي‮ ‬الجنسية او‮ »‬البدون‮« ‬،‮ ‬نذكر منها ما‮ ‬يلي‮ ‬كما ورد في‮ ‬المادة الثالثة من مشروع القانون‮ .‬
الإقامة الدائمة في‮ ‬الكويت‮. ‬والعلاج المجاني‮ ‬بجميع تخصصاته ومتطلباته والحصول على الدواء مجاناً‮. ‬ومعاملة المعاق‮ ‬غير محدد الجنسية مثل معاملة المعاق الكويتي‮. ‬والحصول على شهادات الميلاد والوفاة‮. ‬وتحرير وتوثيق عقود الزواج والطلاق والوصية وحق الإرث وجميع ما‮ ‬يتعلق بالأحوال الشخصية‮. ‬ورخص القيادة بجميع أنواعها‮. ‬والحصول على جواز السفر‮. ‬والحق في‮ ‬العمل في‮ ‬القطاع العام والخاص والقطاع النفطي‮ ‬مع استحقاق مكافأة نهاية الخدمة المقررة في‮ ‬أي‮ ‬منها‮. ‬والحق في‮ ‬تملك العقارات بصورة فردية أو بالاشتراك مع الغير‮. ‬والحق في‮ ‬التعليم بجميع مراحله‮.‬
ولا شك أن إقرار مثل هذا القانون من قبل مجلس الأمة لن‮ ‬يكون‮ ‬يسيراً‮ ‬حيث ان هناك فئات واسعة في‮ ‬المجتمع الكويتي‮ ‬لا تقبل بمساواة فئة‮ »‬البدون‮« ‬بالكويتي‮ ‬على النحو الوارد بذلك المشروع بقانون‮ ‬،‮ ‬وقد‮ ‬يتطلب الأمر تعديلات على مشروع القانون حتى‮ ‬يحظى بإجماع أو قبول أغلبية داخل مجلس الأمة وارتياحاً‮ ‬من كافة الفئات في‮ ‬المجتمع‮.‬
وعلى صعيد آخر فقد شكل المجلس الأعلى للتخطيط الذي‮ ‬يرأسه سمو رئيس مجلس الوزراء لجنة من ضمن أعضائه لبحث أوضاع البدون وتقديم تقريرها لذلك المجلس لدراسته وتحويله للحكومة للنظر في‮ ‬شأنه تمهيداً‮ ‬لإقراره‮.‬
في‮ ‬تقرير‮ »‬أوضاع حقوق الإنسان في‮ ‬الكويت‮« ‬للعام‮ ‬2008‮ ‬أشرنا إلى وضع أحمد مشاري‮ ‬الشمري‮ ‬الذي‮ ‬سبق له أن أحيل إلى إدارة الإبعاد من قبل إدارة أمن الدولة لإبعاده إدارياً‮ ‬،‮ ‬ونود أن نوضح بأن جهود الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان وجهود جمعيات وجهات وطنية أخرى قد أفلحت بالإفراج عنه‮ .. ‬ونود أن نثمن تعاون وزير الداخلية مع هذه الجهات وتجاوبه مع المناشدات الخيرة‮.‬

أنظمة العمل في‮ ‬البلاد وأوضاع العمالة الوافدة
ظل عام‮ ‬2009‮ ‬طويلاً‮ ‬ومقلقاً‮ ‬للعمالة الوافدة فقد استمر العمل بالقوانين‮ ‬غير المواتية لتحقيق تطورات ايجابية في‮ ‬اوضاع العمالة الوافدة‮ ‬،‮ ‬ومن بينها القانون رقم‮ ‬38‮ ‬لسنة‮ ‬1964وما‮ ‬يتضمن ذلك من استمرار نظام الكفيل‮ .. ‬وقد اجتهدت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مع عدد من منظمات المجتمع المدني‮ ‬ومن بينها‮ ‬غرفة تجارة وصناعة الكويت والاتحاد العام لعمال الكويت وبالتشاور مع مكتب منظمة العمل الدوليةLOD ‮ ‬في‮ ‬الكويت لإصلاح الأنظمة المتعلقة بالعمل في‮ ‬القطاع الأهلي‮ ‬وايجاد بدائل لنظام الكفيل،‮ ‬إلا أن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح‮ .. ‬وقد استمرت مطالبات العديد من فئات العمالة الوافدة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬الفئات التي‮ ‬تعمل في‮ ‬شركات تتعاقد مع مؤسسات ودوائر الحكومة لتقديم خدمــات النظافة والحراسة وقراءة عدادات الكهرباء والمياه‮ ‬،‮ ‬من أجل تحصيل حقوقها بالأجور والمزايا الأخرى المنصوص عليها في‮ ‬العقود‮ .. ‬وقد تلقينا العديد من الشكاوى بشأن تقاعس أرباب العمل في‮ ‬تأدية الرواتب والأجور ولمدد تتجاوز التسعة شهور أحياناً‮ ‬بما‮ ‬يؤكد استمرار انتهاك حقوق العمالة الوافدة في‮ ‬البلاد‮.‬
وما‮ ‬يثير الإحباط لدى المهتمين بحقوق العمالة الوافدة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لم تتمكن من توفير الآليات المؤسسية للتعامل مع ارباب العمل من مؤسسات خدمية وغيرها والتأكيد عليها بالوفاء بإلتزاماتها التعاقدية مع العاملين لديها‮ .. ‬هذا بالرغم‮ ‬من أن العاملين في‮ ‬وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل‮ ‬يجتهدون كثيراً‮ ‬من أجل تحقيق متطلبات العدالة إلا أن ذلك‮ ‬يظل دون معاقبة أرباب العمل المتقاعسين على أسس منهجية وقانونية حتى لا تتضرر سمعة البلاد في‮ ‬مجال حقوق الإنسان‮ ‬،‮ ‬وقبل ذلك حتى لا تنتهك حقوق العاملين في‮ ‬البلاد مهما كانت جنسياتهم ومهنهم‮.‬
من جانب آخر ظلت العمالة المنزلية تعاني‮ ‬من مشاكل عديدة أهمها‮ ‬غياب التغطية القانونية التي‮ ‬تحفظ لها حقوقها وتؤكد على إلتزامات أرباب الأسر الذين استقدموها للعمل في‮ ‬البلاد وفي‮ ‬بيوتهم‮. ‬وتشكل العمالة المنزلية ما‮ ‬يزيد عن‮ ‬600‮ ‬ألف من الوافدين،‮ ‬وهي‮ ‬عمالة لا تزال مستمرة بالزيادة نتيجة للسلوكيات الريعية في‮ ‬المجتمع الكويتي‮ ‬وتكرس قيم الاتكالية والاعتماد على الغير‮. ‬وما دام الكويتيون وغيرهم من وافدين‮ ‬يحتاجون إلى العمالة المنزلية فإن عليهم تنظيم الضوابط الكفيلة بحفظ الحقوق ووقف الانتهاكات‮ ‬غير الإنسانية ووضع حد للمتاجرة بالبشر التي‮ ‬تقوم بها مكاتب الخدم والعمالة المنزلية في‮ ‬البلاد‮.‬
وأهم من كل ما سبق ذكره توفير الغطاء القانوني‮ ‬لحفظ حقوق وكرامة هؤلاء العاملين‮.‬
هذا وقد اعتمد مجلس الأمة قانوناً‮ ‬جديداً‮ ‬للعمل في‮ ‬القطاع الأهلي‮ ‬في‮ ‬نهاية العام الماضي‮ ‬وجاء القانون أفضل بكثير من القانون رقم‮ ‬38‮ ‬لعام‮ ‬1964وإن كانت هناك ملاحظات مهمة من المتخصصين ومن منظمة العمل الدولية على رأسها استمرار عدم تحديد حد أدنى للأجور‮. ‬كما جاء القانون خالياً‮ ‬من اي‮ ‬مواد أو نصوص بشأن العمالة المنزلية‮ ‬وأوكل حقوقها وتنظيم عملها للقرارات الإدارية التي‮ ‬يصدرها الوزراء المختصون‮.‬
وبتقديرنا أن اوضاع العمالة الوافدة سوف تتقدم كثيراً‮ ‬إذا ما عالجت الحكومة في‮ ‬الكويت موضوع نظام الكفالة الذي‮ ‬يطبق على كافة العاملين الوافدين في‮ ‬البلاد بشرط أن‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى تحرير هؤلاء العاملين من القيود التي‮ ‬يفرضها هذا النظام على العمالة الوافدة وبما‮ ‬يسمح بالتجارة بالبشر‮ . ‬ولذلك فإن التعامل بإيجابية مع مطالب منظمة العمل الدولية لإلغاء هذا النظام سيكون ذا مردود فعال على أوضاع العمالة الوافدة‮.‬

قضايا المرأة
تمكنت المرأة من تحقيق إنجازات مهمة خلال عام‮ ‬2009وقد فازت‮ ‬4‮ ‬سيدات في‮ ‬انتخابات مجلس الأمة التي‮ ‬عقدت خلال شهر مايو وبذلك أصبح للمرأة دور حقيقي‮ ‬في‮ ‬صناعة القرار السياسي‮ ‬في‮ ‬الكويت وبعد حرمان طال ودام أكثر من‮ ‬47عاماً‮. ‬إلا أن المرأة ظلت تواجه قوى‮ ‬متزمتة لم تقبل بنتائج الانتخابات والإرادة الديمقراطية للشعب الكويتي‮ ‬حيث رفع نشطاء محافظون دعاوى في‮ ‬المحاكم ضد عضوتين في‮ ‬مجلس الأمة هما د.رولا دشتي‮ ‬ود.أسيل العوضي‮ ‬بدعوى انهما لم تلتزما بقيود اللباس الشرعي‮ ‬والذي‮ ‬نص عليه قانون الانتخابات المعدل وقد قامت المحكمة الدستورية بدحض هذا الإدعاء وقررت حرية المرأة العاملة في‮ ‬المجال السياسي‮ ‬في‮ ‬اعتماد اللباس المناسب لها دون شروط‮.‬
تظل هناك قضايا مهمة لا تزال تحد من حقوق المرأة في‮ ‬الكويت ومنها حرمان الأبناء من التمتع بالجنسية الكويتية إذا كان الزوج‮ ‬غير كويتي،‮ ‬وبما‮ ‬يتعارض مع نصوص المادة‮ ‬29من دستور الكويت التي‮ ‬تحرم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس‮. ‬كما أن المرأة لا تزال محرومة من حقوق الرعاية السكنية الحكومية والتي‮ ‬يتمتع بها الذكور‮ ‬،‮ ‬اذا كانوا متزوجين‮ ‬،‮ ‬ولذلك تستمر المطالبات لتعديل قوانين الرعاية السكنية بما‮ ‬يمكن المرأة الكويتية المتزوجة من‮ ‬غير كويتي‮ ‬أو الأرملة أو المطلقة من الحصول على رعاية سكنية مناسبة‮.‬
ولا شك أن الشوط سيظل طويلاً‮ ‬حتى‮ ‬يمكن للمرأة الكويتية من التمتع بذات الحقوق التي‮ ‬يتمتع بها الرجل الكويتي‮ ‬بموجب قانون الأحوال الشخصية وغيرها من قوانين مدنية وبما‮ ‬يتسق مع الإعلان العالمي‮ ‬لحقوق الإنسان‮.‬
ولذلك فإن المطلوب أن تولي‮ ‬القيادة السياسية أهمية لتمكين المرأة من تولي‮ ‬المناصب الوزارية ووكلاء الوزارات والمدراء في‮ ‬المؤسسات‮ . ‬كما أنه‮ ‬يفترض بالقطاع الخاص ان‮ ‬يعزز من دور المرأة في‮ ‬قوة العمل في‮ ‬مؤسساته المختلفة‮.‬

قضايا الحريات
واجهت الكويت محنة في‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬في‮ ‬مجال الحريات حيث جرى توقيف عدد من المرشحين في‮ ‬انتخابات مجلس الأمة التي‮ ‬أقيمت في‮ ‬شهر مايو نتيجة‮ ‬لتصريحاتهم في‮ ‬الحملة الانتخابية‮ . ‬ان احتجاز كل من خالد طاحوس وضيف الله بورمية لم‮ ‬يكن مبرراً‮ ‬على الإطلاق وان تقييد حرية المرشحين وغيرهم لأسباب تتصل بتصريحاتهم مهما كانت المبررات تتنافى مع نصوص الدستور وقيم الديمقراطية‮. ‬إن علينا أن نولي‮ ‬المواطنين الثقة وبقدرتهم على التمييز اعتماداً‮ ‬على معايير الديمقراطية ونصوص دستور الكويت‮.. ‬كما أن توقيف الكاتب محمد عبد القادر الجاسم في‮ ‬أواخر العام نتيجة للشكاوى المرفوعة ضده من قبل سمو رئيس مجلس الوزراء وقبل اصدار الحكم وبحجة رفضه دفع قيمة الكفالة المطلوبة منه،‮ ‬ان هذا التوقيف‮ ‬يعد انتكاسة في‮ ‬مجال الحريات الاعلامية وحريات التعبير ونأمل أن لا نشهد خلال العام الحالي‮ ‬إجراءات مشابهة‮.‬
وخلال شهر أغسطس من عام‮ ‬2009‮ ‬فوجئت الكويت بتطورات‮ ‬غير حميدة في‮ ‬مجال الحريات‮ ‬،‮ ‬عندما أعلنت مصادر حكومية في‮ ‬مجلس الوزراء أن المجلس قرر الإحالة الى النيابة أي‮ ‬منتج مسلسل أو برنامج‮ ‬يسيء إلى أي‮ ‬مسؤول في‮ ‬الدولة‮ . ‬وقد اتخذ وزير الإعلام قراراً‮ ‬بوقف برنامج تلفزيوني‮ »‬صوتك وصل‮« ‬الذي‮ ‬تبثه قناة‮ »‬سكوب‮« ‬بعد انتقاده للمسؤولين‮.‬
وكما أن قيام وزارة الاعلام بالتجاوب مع تلك الحملة ومحاولة تغليظ العقوبات في‮ ‬قانون المطبوعات والنشر والمرئي‮ ‬والمسموع‮ ‬يؤكد نوايا‮ ‬غير ديمقراطية للحد من الحريات الإعلامية وتقييد حريات التعبير فى البلاد وبما لا‮ ‬يتوافق مع مبادئ ونصوص دستور‮ ‬1962‭.‬

حقوق المعاقين
تواجه الكويت مشكلة المعاقين الناتجة عن تزايد أعدادهم بسبب السلوكيات الاجتماعية ومنها زواج الأقارب‮ .. ‬وقد تم اعتماد قانون مؤخراً‮ ‬يفرض على الراغبين في‮ ‬الزواج إجراء فحص طبي‮ ‬للتأكد من خلو كل طرف من العيوب الوراثية التي‮ ‬قد تؤدي‮ ‬إلى حالات إعاقة بين الأبناء‮ . ‬وربما‮ ‬يؤدي‮ ‬هذا القانون إلى الحد من المعاقين في‮ ‬المستقبل‮.‬
من جانب آخر لا تزال البلاد تفتقر إلى أنظمة وقوانين لحماية المعاقين والتأكيد على حقوقهم وإلى ذلك‮ ‬يضاف الافتقار للثقافة المجتمعية التي‮ ‬يمكن أن تساهم باحترام تلك الحقوق المستحقة‮.‬
وقد برزت توجهات‮ ‬غير حميدة خلال العام‮ ‬2009‮ ‬منها إعلان وزارة التربية تعاقدها لبناء مجمع للمعاقين بمبلغ‮ ‬100‮ ‬مليون دينار،‮ ‬ما‮ ‬يؤكد استمرار سياسات العزل تجاه المعاقين،‮ ‬في‮ ‬حين أن المطلوب هو زيادة اندماجهم مع الآخرين في‮ ‬المجتمع كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية الخاصة بالمعاقين‮.‬
وربما هناك تطورات إيجابية منها الانتهاء من إقرار قانون حقوق المعاقين الذي‮ ‬اعتمد من قبل مجلس الأمة‮ . ‬كذلك جرى الاعتراف بلغة‮ »‬برايل‮« ‬للمكفوفين ولغة الإشارة للصم،‮ ‬كما جرى الاعتراف بفئة الصم المكفوفين ولغة التواصل باللمس والوسائط المتعددة‮. ‬ومن المؤمل أن‮ ‬يؤدي‮ ‬صدور القانون الخاص بحقوق المعاقين إلى الحد من ظاهرة المدعين بالإعاقة والتي‮ ‬تتم على حساب أولئك الذين‮ ‬يعانون من مشكلات الإعاقة العديدة‮.‬

مسألة التجنيس
تمثل قضية التجنيس في‮ ‬الكويت مجالاً‮ ‬خصباً‮ ‬للجدل حيث‮ ‬يطالب المتشددون بوضع نهاية للتجنيس،‮ ‬بصورة مطلقة،‮ ‬في‮ ‬حين هناك من‮ ‬يرى أن الكثير من المقيمين في‮ ‬البلاد‮ ‬،‮ ‬وخصوصاً‮ ‬أفراد فئة البدون،‮ ‬يستحقون التجنس نظراً‮ ‬لإقامتهم الطويلة في‮ ‬البلاد جيلاً‮ ‬بعد آخر ودون أن‮ ‬يكون لهم وطناً‮ ‬آخر‮ ‬غير الكويت‮. ‬وإذا كانت مسألة التجنيس من الأمور السيادية فإن منح الجنسية لأي‮ ‬فرد ثم سحبها منه تعتبر من القضايا التي‮ ‬تستحق النظر‮. ‬وقد جرى خلال عام‮ ‬2009سحب الجنسية من أفراد تم تجنيسهم بعد أن أثيرت ملاحظات بشأن عملية التجنيس ومدى استحقاقهم للجنسية‮. ‬ولا‮ ‬يجوز التعامل مع هذه المسألة بهذه الخفة وإخضاعها للابتزاز السياسي‮ ‬والمساومات التي‮ ‬تؤدي‮ ‬إلى أوضاع كارثية للمتضررين الذين تم سحب الجنسية منهم‮. ‬وغني‮ ‬عن البيان أن ما جرى‮ ‬يؤكد‮ ‬غياب المعايير الموضوعية وإهمال حقوق الإنسان ما‮ ‬يستدعي‮ ‬من مجلس الوزراء مراجعة كل ما جرى على أسس تتوافق مع احترام حقوق الإنسان‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬ذات الوقت التأكد من أن كل من‮ ‬يمنح الجنسية الكويتية هو شخص‮ ‬يستحقها ومن ثم لا‮ ‬يجوز سحبها منه‮.‬

******************************************
3- البدون في الكويت.. الرفض قد يولد التطرف:

تحذّر دراسة صدرت حديثا عن معهد دول الخليج العربي، بواشنطن، صنّاع القرار في الكويت من خطر قضية البدون التي تعمل أطراف عديدة، من بينها جماعات إسلامية وتنظيمات جهادية وزارعو الفتنة الطائفية، على استغلالها لتهديد استقرار البلاد، والمنطقة ككل. وتدعو الدراسة الحكومة الكويتية إلى ضرورة مراجعة أوضاع غير محددي الجنسية للقطع مع محاولات استغلالهم والاستفادة من قضيّتهم ضدّ الكويت.
العرب [نُشر في 2015/09/10، العدد: 10034، ص(7)]


الكويت- كشف التحقيق الجنائي في هجوم 24 يونيو الماضي على مسجد الإمام الصادق للشيعة في الكويت، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصا وإصابة أكثر من 200 آخرين بجروح، عن تورط بعض البدون المقيمين من غير مُحدّدي الجنسية، في العملية.
وقد أسفر التحقيق عن إلقاء القبض على ثلاثة من البدون الكويتيين: سائق السيارة التي نقلت الانتحاري السعودي إلى المسجد، وصاحب السيارة وأخيه. بالإضافة إلى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الكويتية، في 14 يوليو الماضي، أنه من أصل 29 من المشتبه بهم في الهجوم، يوجد خمسة كويتيين، سبعة سعوديين وثلاثة باكستانيين و13 من البدون.
هذه الحادثة دفعت معهد دول الخليج العربي، بواشنطن، إلى فتح ملف البدون في الكويت، وعلاقتهم بالحكومة والمجتمع، وكيفية التأثير فيهم لينساقوا وراء أيديولوجيا العنف والتطرّف.
وتشير الدراسة إلى أن تورط بعض البدون بشكل واضح في هجوم يونيو الماضي، بالإضافة إلى مثال الجهادي جون، جلاد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي نشأ في عائلة عراقية فرت إلى الكويت في عام 1987، وعاش في نفس الضواحي، التي يعيش فيها البدون، قبل هجرته إلى المملكة المتحدة، يثير القلق إزاء نزعة التطرف لدى بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الفئة. ووجود حوالي 100 ألف من البدون على أرض الكويت يمثل بلا شكّ تهديدا أمنيا محتملا للبلاد والمنطقة.

لكن نظرا للظروف المتنوعة للبدون، لا يمكن ربط اتباع بعضهم لطريق التطرف بحالتهم الشرعية، حيث يبدو أن سبب مشاركة بعض البدون في أعمال عنف وإرهاب لا يعود لكونهم من غير مُحدّدي الجنسية بل نتيجة لانتماءاتهم القبلية واندماجهم الاجتماعي وتأثرهم الأيديولوجي. لذلك، فالمغالاة في مسألة تهديد البدون للأمن قد تشكل خطرا يمكن أن يؤدي إلى الوقيعة بينهم وبين بقية المجتمع الكويتي، مما يجعل حل هذه المشكلة المستعصية أكثر صعوبة.

المغالاة في مسألة تهديد البدون للأمن قد تشكل خطرا يمكن أن يؤدي إلى الوقيعة بينهم وبين بقية المجتمع الكويتي.

التطرف السني والصلات القبلية:

لا يمكن قراءة مشاركة البدون في العنف السياسي بمعزل عن السياق العام للحركات الإسلامية الإقليمية الحالية في البلاد والتي تضم الكويتيين والأجانب على حد سواء. وهذا هو حال كتائب أسود الجزيرة، وهو تنظيم عنيف يرتبط بالفروع السعودية والعراقية من تنظيم القاعدة. وقد حارب هذا التنظيم التواجد الأميركي في الكويت في النصف الأول من الألفية.

وفي عام 2005، بعد تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة الكويتية، تمت محاكمة 25 كويتيا وسبعة من البدون بتهمة الانتماء إلى هذا التنظيم.

تواطؤ البدون في العنف السياسي يعكس اتجاها أوسع للتمكين الإسلامي والتطرف والذي من شأنه أن يؤثر في السياسة الكويتية. ويتبع ذلك تلاقي المصالح بين بعض الجهات القبلية والحركات الإسلامية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمون والحركات السلفية التي نشأت في صفوف الكويتيين الحضر غير القبليين.

هناك قاعدة عامة تشير إلى أن البدون لا يثقون كثيرا في السياسة، فهم يدركون جيدا حدود ما يمكن للسياسيين الكويتيين القيام به من أجل مساعدتهم في موضوع الحصول على الجنسية. كما يعتبرون أن مسألة منح الجنسية تعود إلى العائلة الحاكمة.
جماعات طائفية تسعى لنزع فتيل قنبلة البدون الموقوتة

ومع ذلك، قد يتحول البدون إلى المذاهب السياسية للإسلاميين السنة عبر قناتين. أولا، كأشخاص تتم استمالتهم أساسا بالاستناد إلى خلفيات قبلية إقليمية (معظمها من قبائل مثل العنزي و شمر وظافر، والتي تتألف من السنة والشيعة على حد سواء). ويسكن البدون في محيط كويتي “قبلي”، حيث تجد التيارات السلفية مناخا مناسبا لتنشأ فيه، ولا سيما حزب الأمة. ثانيا، نما نفوذ السلفيين والإخوان المسلمين في صفوف البدون بسبب النفوذ المالي، حيث وجدوا موطئ قدم لهم عبر الجمعيات الخيرية النشطة، بما في ذلك الرابطة السلفية لإحياء التراث الإسلامي، وجمعية الإخوان المسلمين للإصلاح الإسلامي.

وحفزت الحرب السورية بعض هذه التيارات، ولا سيما السلفيين، على استمالة عدد من البدون، خاصة المسيسين؛ وفي هذا السياق، تذكر الدراسة، أباعزام الكويتي، نائب قائد جبهة النصرة في القلمون، الذي تفيد الأنباء أنه لقي مصرعه في مارس 2014 في معركة أثناء القتال في يبرود، وتم اعتباره “شهيدا” ليس فقط من قبل أقاربه من البدون ولكن أيضا من جانب، جمعان الحربش، العضو السابق بمجلس الأمة الكويتي (وهو إخواني من قبيلة عنيزة) ووليد الطبطبائي (سلفي حركي من المناطق الحضرية).

خطورة التجاهل:
في الأصل الأشخاص “بدون جنسية” هم غالبا من فشلوا في التسجيل لدى الجهة المختصة قبل عام 1965. ومنذ عام 1985، تم إطلاق أول المناقشات العامة حول ظهور هذه الفئة في المجتمع، وقد حذر الساسة الكويتيون من هذه القنبلة الموقوتة، ونددوا بسلبية التعامل مع هذه القضية، مما يجعل الحل أكثر صعوبة وتكلفة من الناحية الإنسانية والمالية على حد سواء.

وفي ديسمبر عام 1986، في خضم الأزمة الاقتصادية، تم إصدار مرسوم يقر بضرورة استبدال البدون الذين يعملون في صفوف قوات الأمن تدريجيا بأشخاص يحملون الجنسية. كما دعا إلى التطبيق الصارم لقانون عام 1959 الذي تم فرضه على إقامة الأجانب، وبالتالي إنهاء الإعفاء من شروط الكفالة وتصريح إقامة “أفراد القبائل” التي تم منحها حتى ذلك الحين.

وفي فبراير عام 2011، في أعقاب الانتفاضات الشعبية في العالم العربي، أطلق البدون احتجاجات سلمية في المناطق النائية من الكويت، حيث تعيش الغالبية العظمى منهم. وكانوا قد خرجوا ملوحين بأعلام الكويت وصور الأمير، مطالبين بوضع حد لحالة التهميش التي يعانون منها. وفي محاولة لطمأنة المواطنين وتبديد الصورة التي تشير إلى أنهم أشخاص خطيرون، قاموا في البداية بتنظيم حملة تبرع بالدم لصالح بنك الدم الكويتي وقدموا الزهور للكويتيين.

الهجوم الأخير والمحاكمة اللاحقة للسائق من البدون الذي قام بنقل الانتحاري المزعوم تميط اللثام على أنه عضو في تنظيم داعش وتسلط الضوء على وجود البدون في البلاد

ومع ذلك، ونتيجة لسياسات التمييز والاستبعاد، تبدو إمكانية حل قضية البدون من خلال إدماجهم في المجتمع الكويتي أمرا صعب المنال. ورغم الوعود الحكومية المتكررة، لم يتم التوصل إلى أي حل. وصدر قانون في عام 2000 الذي سمح بتجنيس 2000 شخص في السنة. وفي عام 2010، ذكرت وكالة مسؤولة عن ملف البدون أن 34 ألفا من البدون من جملة 106 آلاف تمتعوا رسميا بشروط الأهلية للحصول على الجنسية الكويتية.

الهجوم الأخير والمحاكمة اللاحقة للسائق من البدون الذي قام بنقل الانتحاري المزعوم تميط اللثام على أنه عضو في تنظيم داعش وتسلط الضوء على وجود البدون في البلاد. ومع ذلك، فإن اشتراك عدد قليل من الأفراد من غير محددي الجنسية في أعمال العنف لا يعني أن الفئة بأكملها تشكل تهديدا أمنيا، كما أن ذلك لا يثبت أن الحرمان من الجنسية يجعل البدون أكثر عرضة للتورط في التطرف الجهادي.

وتخلص الدراسة إلى أنه ينبغي الاعتراف بانسياق بعض البدون وراء دعوات التطرف نتيجة لتنامي نفوذ الحركات السنية الإقليمية، إلى جانب زحف الطائفية على البدون، وهو ما يعتبر تطورا جديدا ومقلقا لمجموعة تعتبر هويتها الطائفية حتى الآن مختلطة، ومن بينهم أفراد من الشيعة.